نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 387
وكان فيه فساد
قول من جعل الكبيرة الكفر ، وفيه دليل على فساد قول المرجئة حين قالوا : إن المؤمن
لا يعذّب ، وإن كان مرتكبا للذنوب. لأن الله أخرج المشرك من المشيئة وجعل الحكم
فيه حتما ، فلو لم يجز تعذيب المؤمن المذنب لأخرجه من باب الاستثناء وأطلق الحكم
فيه كما [علّقه] في الشرك ، وفيه دليل على فساد قول الوعيدية وقد ذكرناه من قبل.
ثم نزلت في أهل
مكة (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ
دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) كقوله تعالى (وَقالَ رَبُّكُمُ
ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)[١] أي اعبدوني أستجب ، لكم يدلّ عليه قوله بعده (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ
عِبادَتِي) من دونه ، أي من دون الله وكان في كل واحدة فيهن شيطان
يتراءى للسدنة والكهنة يكلمهم فذلك قوله (وَإِنْ يَدْعُونَ
إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً)[٢] وكان المشركون يدعون أصنامهم باسمها وكان هذا قول مجاهد
والكلبي وأكثر المفسرين.
ويدل على صحة
هذا التأويل قراءة ابن عباس : إن يدعون من دونه إلّا أوثانا جمع الوثن فصيّر الواو
همزة كقوله أقب ووقب.
وأصله وثن
وقرئت أنثا على جمع الإناث كمثل مثال ومثل وثمار وثمر. قال الحسن وقتادة وأبو
عبيدة : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ
دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) يعني أمواتا لا روح فيه خشبة وحجر ومدر ونحوها.
وذلك إن الموات
كلها يخبر عنها كما يخبر عن المؤنث يقول من ذلك الأصنام متعجبين ، فـ (إِنْ يَدْعُونَ) وما تعبدون (إِلَّا شَيْطاناً
مَرِيداً) والمريد المارد فقيل : بمعنى فاعل. نحو قدير وقادر وهو
الشديد العاتي الخارج من الطاعة. يقال : مرد الرجل يمرد مرودا ومراده إذا عتى وخرج
من الطاعة وأصل المريد من قول العرب : حدثنا ممرد أي مملس.
ويقال : شجرة
مردا إذا يتناثر ورقها ، ولذلك سمي من لم تنبت لحيته أمرد ، أي أملس موضع اللحية.